لما أراد رسول الله ﷺ الخروج إلى بدر ليقاتل المشركين وخرج غلام اسمه عمير بن أبي وقاص عمره ست عشرة سنة.
وكان عمير يخاف ألا يقبله النبي ﷺ ، لإنه صغير ، فكان يجتهد ألا يراه أحد ، وكان يتوارى.
ولكن رآه أخوه الأكبر سعد بن أبي وقاص فقال له: مالك يا أخي؟ لأي شيء تتوارى؟
قال عمير أخاف أن يردني رسول الله ﷺ فإني صغير ، فأنا أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة.
وكان كما خاف عمير ، فلما نظر إليه رسول الله ﷺ رأى أنه صغير ، والحرب ليست من شغل الأطفال والغلمان ، وما يصنعون في الحرب ، وإنها لكبيرة على الرجال؟
ولكن عميرا ما أحب أن ينصرف ، ويقعد في البيت ، أو يلعب مع أترابه ، وأصدقائه في المدينة ، وإنه ليريد الشهادة في سبيل الله!
ولكن عميرا لا يعصي رسول الله ﷺ ، ولا يعاند ، فإنه لا يريد إلا رضاء الله ، وهل ينال رضاء الله إذا عصى رسول الله ﷺ ؟ أبدا!
كان عمير في حيرة وحزن شديد ، هو لم يبلغ سن القتال ، ولكنه يحن إلى الشهادة ، وإلى الموت في سبيل الله ، ويحن إلى الجنة ، ويراها غير بعيدة ، ولكن كيف يصل إليها ، وهو لم يبلغ سن القتال؟!
كل ذلك ثقل على عمير ، وكان قلبه صغيرا فبكى ، ولما بكى عمير رق له قلب رسول الله ﷺ وكان رسول الله ﷺ رقيقا رفيقا فأجازه.
لا تسألوا عن فرح عمير وسروره لما أجازه النبي ﷺ ، فكأنما نال تذكرة الجنة.
وخرج عمير مع أخيه ومع المسلمين ، وكلهم كبار وأقوياء ، وكان كما أراد ، فقد قتل شهيدا في الغزوة ، وسبق كثيرا من الشبان والشيوخ.
رضي الله عنه عمير وأرضاه.