الرئيسية

المتجر

الدورة

المقالة

١٦- بر الوالدين

كان رجل له أبوان كبيران وأولاد صغار، وكان برًّا بالوالدين شفيقًا على الأولاد.

وكان يذهب كل يوم في الصباح إلى المرعى ويرعى الماشية ويرجع بها في المساء، فيحلبها ويسقي والديه وأولاده الصغار.

وكان أبواه وأولاده الصغار ينتظرون قدومه، ولا ينامون حتى يحضر الرجل ويسقيهم اللبن.

مرة ذهب الرجل بالماشية إلى المرعى، فأبعد في طلب الشجر والعلف فتأخر ذلك اليوم، فرجع إلى البيت وقد ذهب كثير من الليل.

وانتظر أبوه وأمه طويلًا، وكان أبوه جائعًا وكانت أمه جائعة، ورقد أبوه ورقدت أمه بعد الانتظار الطويل.

ورجع الرجل ودخل البيت، فوجد أن أباه الشيخ قد رقد، وأن أمه العجوز قد رقدت.

فتأسف الرجل وحزن كثيرا وندم على تأخيره، وقال: أسفا، إني تأخرت اليوم في المرعى وبعدت في طلب الشجر والعلف لأرعى الماشية حتى رقد الشيخ ورقدت العجوز.

وفكر الرجل هل يوقظ الشيخ والعجوز؟

وكره الرجل أن يوقظ الشيخ والعجوز.

وكان أهله وأولاده ينتظرونه وكانوا جياعا فطلبوا منه اللبن.

ولكن الرجل كره أن يسقي أهله وأولاده قبل والديه، وخاف الله وقال: كيف أسقيكم ولم أسقهما، إني إذا لمن الظالمين.

وحلب الرجل الماشية ووقف ينتظر أن يستيقظ أبواه، وبقي واقفا والقدح على يده، والأطفال يبكون ويصيحون عند قدمه، ولكنه لم يسقهم شيئا من القدح ولم يشرب، وبات قائما والقدح على يده.

وطلع الفجر واستيقظ والده، فقدّم الرجل لهما قدح اللبن فشربا ثم سقى أولاده، وقد رضي الله عن هذا الرجل الذي كان برا بالوالدين، رضي الله عن هذا العمل الصالح وقبله.

ومرة كان هذا الرجل البرّ ماشيا في الليل، فرأى غارا، فقال: أبيت الليل في هذا الغار وأخرج في الصباح.

ودخل الغار لينام، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليه الغار. فدعا الله بهذا العمل الصالح، وقال:

اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فاكشف هذه الصخرة، فاستجاب الله دعوة هذا الرجل الصالح وأعانه.

١٦- بِرُّ الوَالِدَيْنِ

كَانَ رَجُلٌ لَهُ أَبَوَانِ كَبِيرَانِ وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ، وَكَانَ بَرًّا بِالوَالِدَيْنِ شَفِيقًا عَلَى الأَوْلَادِ.

وَكَانَ يَذْهَبُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الصَّبَاحِ إِلَى المَرْعَى وَيَرْعَى المَاشِيَةَ وَيَرْجِعُ بِهَا فِي المَسَاءِ، فَيَحْلِبُهَا وَيَسْقِي وَالِدَيْهِ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ.

وَكَانَ أَبَوَاهُ وَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ يَنْتَظِرُونَ قُدُومَهُ، وَلَا يَنَامُونَ حَتَّى يَحْضُرَ الرَّجُلُ وَيَسْقِيَهُمُ اللَّبَنَ.

مَرَّةً ذَهَبَ الرَّجُلُ بِالمَاشِيَةِ إِلَى المَرْعَى، فَأَبْعَدَ فِي طَلَبِ الشَّجَرِ وَالعَلَفِ فَتَأَخَّرَ ذَلِكَ اليَوْمَ، فَرَجَعَ إِلَى البَيْتِ وَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ اللَّيْلِ.

وَانْتَظَرَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ طَوِيلًا، وَكَانَ أَبُوهُ جَائِعًا وَكَانَتْ أُمُّهُ جَائِعَةً، وَرَقَدَ أَبُوهُ وَرَقَدَتْ أُمُّهُ بَعْدَ الِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ.

وَرَجَعَ الرَّجُلُ وَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَوَجَدَ أَنَّ أَبَاهُ الشَّيْخَ قَدْ رَقَدَ، وَأَنَّ أُمَّهُ الْعَجُوزَ قَدْ رَقَدَتْ.

فَتَأَسَّفَ الرَّجُلُ وَحَزِنَ كَثِيرًا وَنَدِمَ عَلَى تَأْخِيرِهِ، وَقَالَ: أَسَفًا، إِنِّي تَأَخَّرْتُ الْيَوْمَ فِي الْمَرْعَى وَبَعُدْتُ فِي طَلَبِ الشَّجَرِ وَالْعَلَفِ لِأَرْعَى الْمَاشِيَةَ حَتَّى رَقَدَ الشَّيْخُ وَرَقَدَتِ الْعَجُوزُ.

وَفَكَّرَ الرَّجُلُ هَلْ يُوقِظُ الشَّيْخَ وَالْعَجُوزَ؟

وَكَرِهَ الرَّجُلُ أَنْ يُوقِظَ الشَّيْخَ وَالْعَجُوزَ.

وَكَانَ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ يَنْتَظِرُونَهُ وَكَانُوا جِيَاعًا فَطَلَبُوا مِنْهُ اللَّبَنَ.

وَلَكِنَّ الرَّجُلَ كَرِهَ أَنْ يَسْقِيَ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ قَبْلَ وَالِدَيْهِ، وَخَافَ اللَّهَ وَقَالَ: كَيْفَ أَسْقِيكُمْ وَلَمْ أَسْقِهِمَا، إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ.

وَحَلَبَ الرَّجُلُ الْمَاشِيَةَ وَوَقَفَ يَنْتَظِرُ أَنْ يَسْتَيْقِظَ أَبَوَاهُ، وَبَقِيَ وَاقِفًا وَالْقَدَحُ عَلَى يَدِهِ، وَالْأَطْفَالُ يَبْكُونَ وَيَصِيحُونَ عِنْدَ قَدَمِهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْقِهِمْ شَيْئًا مِنَ الْقَدَحِ وَلَمْ يَشْرَبْ، وَبَاتَ قَائِمًا وَالْقَدَحُ عَلَى يَدِهِ.

وَطَلَعَ الْفَجْرُ وَاسْتَيْقَظَ وَالِدُهُ، فَقَدَّمَ الرَّجُلُ لَهُمَا قَدَحَ اللَّبَنِ فَشَرِبَا ثُمَّ سَقَى أَوْلَادَهُ، وَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ بَرًّا بِالْوَالِدَيْنِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْ هَذَا الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَقَبِلَهُ.

وَمَرَّةً كَانَ هَذَا الرَّجُلُ الْبَرُّ مَاشِيًا فِي اللَّيْلِ، فَرَأَى غَارًا، فَقَالَ: أَبِيتُ اللَّيْلَ فِي هَذَا الْغَارِ وَأَخْرُجُ فِي الصَّبَاحِ.

وَدَخَلَ الْغَارَ لِيَنَامَ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِ الْغَارَ. فَدَعَا اللَّهَ بِهَذَا الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَقَالَ:

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَاكْشِفْ هَذِهِ الصَّخْرَةَ، فَأَجَابَ اللَّهُ دَعْوَةَ هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَأَعَانَهُ.