كيف استقبلت المدينة رسول الله ﷺ؟
وسمع الأنصار بخروج رسول الله ﷺ من مكة، وهم ينتظرونه أكثر من انتظار الصائمين هلال العيد، وكانوا يخرجون كل يوم، فإذا صلوا الصبح إلى ظاهر المدينة، ينتظرون رسول الله ﷺ فيها يرجعون حتى تغلبهم الشمس على الظلال، فيدخلون بيوتهم، وكان الزمن زمن صيف وحر.
وقدم رسول الله ﷺ حين دخل الناس البيوت، وكان اليهود يرون ما يصنع الأنصار، وكان أول من رآه رجل من اليهود، فصرخ بأعلى صوته، وأخبر الأنصار بقدوم رسول الله، فخرجوا إلى رسول الله ﷺ وهو في ظل نخلة ومعه أبو بكر في مثل سنه، وأكثرهم لم يكن رأى رسول الله ﷺ قبل ذلك، وازدحم الناس، فما يميزون بينه وبين أبي بكر، وفطن لذلك أبو بكر، فقام يظله بردائه، فانكشف للناس الأمر.
وكبر المسلمون فرحًا بقدومه، وما فرحوا لشيء في حياتهم كفرحهم بقدوم رسول الله ﷺ، حتى كانت النساء والصبيان والإماء يقولون: هذا رسول الله ﷺ قد جاء، هذا رسول الله ﷺ قد جاء. وكانت بنات الأنصار ينشدن في سرور ونشوة:
أشرق البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
يقول أنس بن مالك الأنصاري – وهو غلام يومئذ -: شهدت رسول الله.
٤- فِي المَدِينَةِ
كَيْفَ اسْتَقْبَلَتِ المَدِينَةُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟
وَسَمِعَ الأَنْصَارُ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ مَكَّةَ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ أَكْثَرَ مِنْ انْتِظَارِ الصَّائِمِينَ هِلَالَ العِيدِ، وَكَانُوا يَخْرُجُونَ كُلَّ يَوْمٍ، فَإِذَا صَلَّوُا الصُّبْحَ إِلَى ظَاهِرِ المَدِينَةِ، يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيهَا يَبْرَحُونَ حَتَّى تَغْلِبَهُمُ الشَّمْسُ عَلَى الظِّلَالِ، فَيَدْخُلُونَ بُيُوتَهُمْ، وَكَانَ الزَّمَنُ زَمَنَ صَيْفٍ وَحَرٍّ.
وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ دَخَلَ النَّاسُ البُيُوتَ، وَكَانَ اليَهُودُ يَرَوْنَ مَا يَصْنَعُ الأَنْصَارُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ رَآهُ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ، فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ، وَأَخْبَرَ الأَنْصَارَ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ، فَخَرَجُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي ظِلِّ نَخْلَةٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي مِثْلِ سِنِّهِ، وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَكُنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ ذَلِكَ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ، فَمَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَفَطَنَ لِذَلِكَ أَبَو بَكْرٍ، فَقَامَ يُظِلُّهُ بِرِدَائِهِ، فَانْكَشَفَ لِلنَّاسِ الأَمْرُ.
وَكَبَّرَ المُسْلِمُونَ فَرَحًا بِقُدُومِهِ، وَمَا فَرِحُوا لِشَيْءٍ فِي حَيَاتِهِمْ كَفَرَحِهِمْ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى كَانَتِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالإِمَاءُ يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ جَاءَ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ جَاءَ. وَكَانَتْ بَنَاتُ الأَنْصَارِ يُنْشِدْنَ فِي سُرُورٍ وَنَشْوَةٍ:
أَشْرَقَ البَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الوَدَاعِ
وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا مَا دَعَا لِلَّهِ دَاعٍ
أَيُّهَا المَبْعُوثُ فِينَا جِئْتَ بِالأَمْرِ المُطَاعِ
يَقُولُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ – وَهُوَ غُلَامٌ يَوْمَئِذٍ -: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ.
Page: 57