الحمية الجاهلية وأخذ الثأر:
لما أصيب صناديد قريش يوم بدر، ورجع فلهم إلى مكة، عظم المصاب عليهم، ومشى رجال أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم، فكلّموا أبا سفيان ومن كانت له في تلك العير تجارة، فاستعانوا بهذا المال على حرب المسلمين، ففعلوا، واجتمعت قريش لحرب رسول الله ﷺ وحرض الشعراء الناس بشعرهم، وأثاروا فيهم الغيرة والحمية.
وخرجت قريش في منتصف شوال سنة ثلاث للهجرة بأبنائها ومن تابعها من القبائل، وخرج سادة قريش بأزواجهم، وأقبلوا حتى نزلوا مقابل المدينة.
وكان من رأي رسول الله ﷺ أن يقيم المسلمون بالمدينة ويدعوهم، فإن دخلوا عليهم، قاتلوهم فيها، وكان رسول الله ﷺ يكره الخروج، وكان رأي عبد الله بن أبيّ ما رأى رسول الله ﷺ، فقال رجال من المسلمين ممن كان فاته بدر: يا رسول الله ﷺ اخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا.
فلم يزلوا برسول الله ﷺ حتى دخل رسول الله ﷺ بيته، فلبس لأمته، وندم الذين اقترحوا الخروج، فقالوا: استكرهناك يا رسول الله، ولم يكن ذلك لنا، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله ﷺ: “ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل”.
وخرج رسول الله ﷺ في ألف من أصحابه، فلما كانوا بالشوط بين المدينة وأحد، انحزل عبد الله بن أبي بثلاث الناس، وقال: أطاعهم، وعصاني.
الحَمِيَّةُ الجَاهِلِيَّةُ وَأَخْذُ الثَّأْرِ:
لَمَّا أُصِيبَ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَرَجَعَ فُلُّهُمْ إِلَى مَكَّةَ، عَظُمَ المُصَابُ عَلَيْهِمْ، وَمَشَى رِجَالٌ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ، فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ فِي تِلْكَ العِيرِ تِجَارَةٌ، فَاسْتَعَانُوا بِهَذَا المَالِ عَلَى حَرْبِ المُسْلِمِينَ، فَفَعَلُوا، وَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ لِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَحَرَّضَ الشُّعَرَاءُ النَّاسَ بِشِعْرِهِمْ، وَأَثَارُوا فِيهِمُ الغَيْرَةَ وَالحَمِيَّةَ.
وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ فِي مُنْتَصَفِ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ لِلهِجْرَةِ بِأَبْنَائِهَا وَمَنْ تَابَعَهَا مِنَ القَبَائِلِ، وَخَرَجَ سَادَةُ قُرَيْشٍ بِأَزْوَاجِهِمْ، وَأَقْبَلُوا حَتَّى نَزَلُوا مُقَابِلَ المَدِينَةِ.
وَكَانَ مِنْ رَأْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُقِيمَ المُسْلِمُونَ بِالمَدِينَةِ وَيَدْعُوهُمْ، فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْهِمْ، قَاتَلُوهُمْ فِيهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَكْرَهُ الخُرُوجَ، وَكَانَ رَأْيُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ مَا رَأى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: مِمَّنْ كَانَ فَاتَهُ بَدْرٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اخْرُجْ بِنَا إِلَى أَعْدَائِنَا لَا يَرَوْنَ أَنَّا جَبُنَّا عَنْهُمْ وَضَعُفْنَا.
فَلَمْ يَزَلُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْتَهُ، فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، وَنَدِمَ الَّذِينَ أَكْرَهُوا الخُرُوجَ، فَقَالُوا: اسْتَكْرَهْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَنَا، فَإِنْ شِئْتَ فَاقْعُدْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ”.
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي أَلْفٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِالشَّوْطِ بَيْنَ المَدِينَةِ وَأُحُدٍ، انْحَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ النَّاسِ، وَقَالَ: أَطَاعَهُمْ، وَعَصَانِي.