ونزلت أسفل من ذلك المكان فرأيت الأمور قد تغيرت ، وأن العاصمة قد تحولت من المدينة – على ساكنها ألف ألف سلام – إلى «دمشق الشام» ، فإذا قصور عالية قد علقت على أبوابها ستور جميلة ، وكسيت جدرانها بثياب فاخرة ، وإذا مساجد شامخة تناطح منارتها السماء ، وهي عامرة بالمصلين ، ورأيت فيها حلقات الدرس ، ومجالس العلم ، وهي غاصة بطلبة علم الدين ، والشيوخ يحدثون عن النبي الكريم ﷺ والناس يكتبون ويحفظون.
ورأيت الناس أنواعا ، منهم الزهاد ، والعباد ، وطلبة العلم ، ومنهم المترفون ، ورأيت آثار الحرية والترف ، ورأيت الناس طبقات في الغنى والثروة والجاه والشرف ، فهذا ابن الخليفة في زهوه وخيلائه ، وذلك عامل العراق في خدمه وحشمه ، وهذا سوقي ، وذلك شريف.
ورأيت بعض الحدود قائمة ، وبعض أحكام الشرع نافذة ، ورأيت العلماء وأهل الدين يحتسبون على الناس متطوعين ، فيخضعون لهم ، ويستسلمون ، ورأيت الناس غير مجاهرين بالفسق ، غير مصرين على المعصية ، يحتشمون أهل الدين والعلم.