٨٦- شيخ الإسلام الحافظ ابن تيمية

ولد أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية بحران ، يوم الإثنين في (١٠) وقيل (١١) ربيع الأول سنة (٦٦١) وقدم مع والده وأهله إلى دمشق وهو صغير كانوا قد خرجوا من بلاد حران مهاجرين بسبب جور التتر ، فساروا بالليل ومعهم الكتب على عجلة لعدم الدواب ، وكاد العدو يلحقهم ، ووقعت العجلة فابتهلوا إلى الله تعالى ، فاستغاثوا به فنجوا ، وقدموا دمشق في أثناء سنة (٦٦٧).

وسمع هناك من أكثر من مئتي شيخ ، ولازم السماع مدة سنتين ، واشتغل بالعلوم ، وحفظ القرآن ، وأقبل على الفقه ، وبرع في النحو ، وأقبل على التفسير إقبالا كليا حتى حاز فيه قصب السبق ، كل ذلك وهو ابن بضع عشرة سنة ، ولم يزل على ذلك خلفا صالحا ، برا بوالديه ، تقيا ، ورعا ، ناسكا ، صواما ، قواما ، ذاكرا لله تعالى في كل أمر ، وعلى كل حال ، رجاعا إلى الله تعالى في سائر الأحوال والقضايا ، وقافا عند حدود الله تعالى ، وأوامره ، ونواهيه ، آمرا بالمعروف ، ناهيا عن المنكر ، لا تكاد نفسه تشبع من العلم ، ولا تروى من المطالعة ، ولا تمل من الاشتغال ، ولا تكل من البحث ، وكان يحضر المجالس والمحافل في صغره؛ فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار ، ويأتي بما يتحير منه أعيان البلد في العلم.

وأفتى وله نحو (١٧) سنة ، وشرع في الجمع والتأليف من ذلك الوقت ، ومات والده فكان من كبار الحنابلة وأئمتهم ، درس بعدة وظائف وله (٢١) سنة ، فاشتهر أمره ، وبعد صيته في العالم ، وأخذ في تفسير الكتاب العزيز أيام الجمع على كرسي من حفظه ، فكان يورد ما يقوله من دون توقف ولا تلعثم.

أضف تعليق